تجميع بي ام دبليو في مصنع دينغولفينغ بألمانيا
يبحث المشتري عن سيارة تتطابق مع رغباته من حيث الشكل وعناصر القوة
والرفاهية ونادرا ما يتساءل عن مراحل وكيفية صنعها من مجرد ألواح معدنية
ملفوفة ومواد بلاستيكية وزجاجية وسوائل وأقمشة وجلود وأسلاك كهربائية، إلى
إحدى أثمن السلع الاستهلاكية وأكثرها إغراء في فاعلية التنقل للعمل أو
التنزه.
وما تحتويه هذه المراحل من آلات كبس الألواح والروبوتات وشرارات التلحيم،
وسنقوم اليوم بزيارة لمصنع دينغولفينغ الواقع على مسافة مائة كلم شرق
ميونيخ، ويعمل فيه أكثر من 21 ألف شخص، ينتجون 1300 سيارة يوميا، وقد أنتج
أكثرمن 5 ،5 ملايين سيارة بي إم دبليو من مختلف الفئات من بدء إنتاجه في
أيلول سبتمبر1973م لنقلي الضوء على هذه المراحل.
بداية الرحلة من المكابس
مع أن بناء السيارة يبدأ من إعداد الألواح البنيوية المفترض كبسها قبل
تلحيمها، لا بد من الإشارة إلى أن الرحلة تبدأ فعليا من الطلبية لدى
الوكيل والتي تجمع خيارات الهيكل العادي أو الممدود والألوان والتجهيزات
قبل التحقق من إمكان توافرها مجتمعة، ثم التوصية عليها، ثم يتم إبلاغ
الوكيل بموعد إنتاج سياراته وتسليمها إليه.
وتشير بي إم دبليو في هذا الصدد إلى تمتع نظام تسجيل الطلبيات والإنتاج
بمرونة تسمح للعميل بتغيير رأيه في أي من خيارات المحرك أو اللون أو
التجهيزات، حتى قبل بدء التجميع بأسبوع واحد، وتبدأ رحلة هيكل السيارة
الجديدة من ألواح فولاذية ملفوفة تقطع وتشكل بواسطة مكابس تشكل الألواح
كالرفراف أو الباب أو الجانب والسقف والأرضية، بكبسها فوق قوالب خاصة بكل
منها ويصل الضغط فيها إلى حوالي 9500 طن.
وفي قسم الكبس الذي يعمل على مدار الساعة بثلاثة فرق عمل متتالية وعلى مدى
ستة أيام في الأسبوع ولا يتوقف إلا لأعمال الصيانة، ويكبس يوميا أكثر
من1200 طن من الألواح المعدنية لتحويلها إلى لا يقل عن 300 ألف لوح، على
12 خطاً من آلات الكبس التي تضم 65 مكبسا للقطع المشكلة في عملية واحدة،
وتسعة مكابس للقطع المشكلة في عمليات متلاحقة، وخمسة مكابس أخرى لتشكيل
ألواح بسماكات وحتى بأمزجة معادن مختلفة.
وتدخل ألواح الفولاذ والألومينيوم إلى المصنع في لفائف يصل وزن كل منها
إلى35 طنا، مع تدرج السماكة من 65 ،0 إلى 3 ملم، علما بأن 82 في المائة من
ألواح الفولاذ المعتمد في الفئة السابعة هي من الفولاذ الشديد القسوة،
ومغلفة من الجانبين بنسبة 95 في المائة لمنع الصدأ.
وبعد تقطيعها من اللفائف تنتقل الألواح بأحجامها المختلفة إلى المكابس
المتلاحقة على مسافة تصل إلى 90 مترا، لتشكيل مختلف الأجزاء والألواح
اللازمة
في معدل ثلاث إلى سبع مراحل كبس قبل تنعيم جوانبها وإعادة فضلات التقطيع
إلى مورد لفائف الألواح المعدنية لإعادته إلى الدورة الإنتاجية.
ويصل طول خط أضخم آلات الكبس المستخدمة في دينغولفينغ، والتي بلغت كلفة
شرائه وتركيبه خريف العام 1999م نحو 45 مليون يورو إلى 90 مترا، علما بأن
ضغطها يصل حتى 9500 طن، لتشكيل حتى 13 قطعة في الدقيقة الواحدة، مع وصول
حجم بعض الألواح المكبوسة إلى 5 ،4 أمتار بعرض مترين، ما يسمح بتشكيل جانب
السيارة من لوح واحد وهذا من أحد أفضل وسائل زيادة المتانة ودقة المقاييس
وطول خدمة الهيكل، في حين لا يستغرق غيار قوالب الضغط «أوتوماتيكيا» أكثر
من ثمانية دقائق.
لكن وسائل التشكيل لا تنحصر بالقوالب الكابسة من الخارج، بل هي تتضمن أيضا
وسائل التشكيل الداخلي، بتمرير سوائل في أنابيب معدنية قبل رفع ضغط
السوائل في تلك الأنابيب لإجبارها على اتخاذ أشكال مختلفة وأكثر تعقيدا من
تلك التي يمكن تحقيقها بالتشكيل التقليدي، مع تخفيف عدد القطع الثانوية
اللازمة لتشكيل بعض القطع.
وعلى سبيل المثال، تنتج محاور الدفع الخلفية من الألومينيوم بتلك التقنية لتخفيف وزنها وزيادة متانتها ورشاقة سلوك السيارة.
وبعد تشكيل الألواح المضغوطة والمكبوسة في أنظف الظروف الممكنة منعا لترك
الأوساخ أو النثرات علامات فارقة تتطلب إتلاف اللوح وإعادة تذويب معدنه،
تنتقل تلك الألواح إلى قسم مراقبة الجودة بواسطة آلات رصد دقة المقاييس في
الأبعاد الثلاثة، قبل إنتقالها إلى المرحلة التالية.
مرحلة بناء الهيكل
بانتقال الألواح المشكلة والمصنوعة من معادن مختلفة أهمها الفولاذ عالي
المتانة والذي يشكل 82 في المائة منها والألومينيوم بنسبة 18 في المائة،
ومن سماكات مختلفة أحيانا في القطعة الواحدة «بين 1 و25 ،2 ملم»، يبدأ
إعداد البنية الهيكلية التي ستنشأ من تلحيم هذه القطع «5749 نقطة تلحيم»
بعد إلصاقها بواسطة الروبوت في مواضع مختلفة بمواد تزيد تماسك الهيكلية
بنسبة 15 في المائة إضافية مع تحسين نسبة تخميد الارتجاجات، إضافة إلى
تثبيت البراغي في مواضع أخرى كالرفاريف والأغطية.
ومن الفوائد الأخرى لتثبيت الألواح بالمواد اللاصقة قبل التلحيم الاستغناء
عن ضرورة تسميك المعادن في بعض المواضع لتخفيف الوزن من دون النيل من
مستوى المتانة، إضافة إلى إمكان تلحيم قطع من معادن مختلفة، كالفولاذ مع
مواد مصنعة، ومن دون حواف ظاهرة، أو حتى تلحيم معادن مع موادة بلاستيكية
مقواة كالتي ستستخدم مع الفولاذ والألومينيوم في موديل الفئة السادسة
الرياضية والذي يتوقع بدء إنتاجه الاختباري الأولي في دينغولفينغ ايضا
أوائل العام المقبل.
وتتضمن أجهزة روبوت التجميع ذاتها وسائل الرصد الثلاثية الأبعاد لقياس دقة
المقاييس والهوامش في أثناء التصنيع، فترصد المقدمة والمؤخرة والأرضية من
خلال 186 نقطة تدقيق، إضافة إلى قفص الهيكل من 105 نقاط، وتنتقل البنية
المعروفة بتسمية الهيكلية البيضاء (bodyinwhite ) إلى مراحل الغسيل
ومعالجة المعدن بمواد مقاومة للصدأ، قبل بدء مراحل الطلاء بأحدث التقنيات.
ولتبسيط عملية الإنتاج وتلبية الطلبيات، مع ما يتضمنه ذلك من مرونة
إمكانات تعديل بعض تفاصيل الطلبية حتى نحو أسبوع قبل بدء الإنتاج، حصرت بي
إم دبليو عدد البنى الهيكلية البيضاء المنتجة بثمانية خيارات، أربعة منها
للهيكل العادي والأخرى للهيكل الممدود، وفي كل من الخيارين الهيكليين،
فئتان بمقود إلى اليسار واحدة بفتحة سقف والأخرى من دون فتحة وفئتان
أخريان بمقود إلى اليمين تصدر لليابان وبريطانيا وأستراليا وبعض الأسواق
الأخرى.
وعلى سبيل المقارنة، تشير بي إم دبليو إلى أن عدد البنى الهيكلية البيضاء
للجيل الحالي من موديل الفئة الخامسة يزيد عن مائة لكن الموديل متاح أيضا
في صيغة واغن ممدود الصندوق.
ويضم قسم تركيب البنى الهيكلية في دينغولفينغ 250 روبوتاً تتولى تصنيع البنية الهيكلية البالغ وزنها نحو 430 كلغ.
مرحلة نشوء الهوية والطلاء
بعد إعداد البنية الهيكلية والألواح الخارجية، وقبل مراحل الطلاء
المتلاحقة، يخضع الهيكل لعملية غسيل شاملة مع تغطيس الهيكل وفتله في
السوائل المنظفة لإزالة الرواسب، قبل مراحل الإعداد التالية بطبقة
فوسفاتية أساسية تحت الطلاء الذي تكسوه أخيرا طبقة التلميع والوقاية برش
بودرة جافة بواسطة رذاذات تطلق البودرة بعد مرورها في قطب كهربائي يشحنها
إلكتروستاتيا بحيث تلتصق البودرة على معدن الهيكل المؤرض (earthed)، من
هناك يدخل الهيكل إلى غرفة ساخنة تذيب البودرة البيضاء بتجانس تام، لتصبح
شفافة وتلتحم تماما مع الطلاء. وتتميز تقنية البودرة الجافة باستغنائها
تماما عن السوائل المذيبة التقليدية وعن الملوثات وعن هدر أي رواسب، وفي
مراحل طلائه المتلاحقة، يتلقى هيكل الفئة السابقة 2 ،2 كلغ من الفوسفات في
الطبقة الأولى، ثم 9 ،7 كلغ من الطلاء الأولي، و2 ،3 كلغ من المعجون، ثم 7
،3 كلغ من الطلاء الذي يثبت أخيرا تحت 6 ،1 كلغ من الطبقة الشفافة العليا
والأخيرة، ويتاح 30 خيارا من الألوان الأساسية و200 خيار من الألوان
الإضافية.
وكان مصنع دينغولفينغ سباقا في اعتماد تقنية رش بودرة التلميع والوقاية منذ أيار مايو1997م.
مرحلة اكتمال الهوية