--------------------------------------------------------------------------------
+
----
-شرع اللّه الخالق سبحانه خطبة الجمعة، وجعلها جزءً أصيَلاَ من تشريعات هذا الدين.
شَرعَ أن تكون هذه الخطبة على المنابر.
بُنيتْ من أجلها المنابر.
حَضرَ المسلمون للمسجد فلم يتخلف إِلا معذور أو محروم.
أوجب اللّه على المسلمين الاستماع والإِنصات للخطيب.
فمن قال لصاحبه: أنْصتْ فقد لغا، ولا جمعة له.
ومن مَسَّ الحصى فقد لغا ولا جمعة له.
وإِن شعيرة من شعائر الدين بهذه المثابة لجديرة بالنظر والدراسة والعناية من قبل المسلمين جميعاً: خطباء ومأمومين، وحكّاماً ومحكومين، رؤساء ومرءوسين.
وإِذا أردنا أن نُحدَّد أسلوب خطبة الجمعة، الذي ينبغي أن نراعيه وندعو إِليه غيرنا، فإِن شأننا شأن أيّ مسلم يبحث عن حكم الشرع في أي مسألة من المسائل، إذْ المتعين عليه في هذه الحال أن يتلقى الحكم على شرع خالقه ومالكه سبحانه لا عن سواه، وليس معنى هذا أن لا يستفيد المسلم في باب الوسائل ونحوها من المصادر الأخرى إِطلاقاً، وإنما معناه أن يأتمر بأمر الشرع، وينتهي بنهي الشرِع، ويسعى فيِ تحقيق مقاصد الشرع وفْق منهج الشرع، فإن استفاد شيئاَ أو أخذ شيئاَ من المصادر الأخرى أو تركه فإِنما يفعل ذلك إتّباعاً لشرع اللّه عز وجلّ.
وشرع اللّه كامل لا يعتريه النقص ولا التبديل: مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ .
والمسلم لا خيار له في هذا الإتباع والخضوع، بل هذا واجبه في الحياة. وخطبة الجمعة واحدة من شعائر الإِسلام، فعن الإسلام يجب أن يُأخذ تحديد أسلوبها وأحكامها وحكمها.
ويمكن أن يدرك المرء أهمية تحديد أسلوب خطبة الجمعة من خلال إِدراكه لأهمية خطبة الجمعة ذاتها.
خطبة الجمعة الموعظة الأسبوعية في بيت من بيوت اللّه تعالى.
خطبة الجمعة الموعظة الأسبوعية المفروضة بأمر اللّه تعالى.
خطبة الجمعة الموعظة الأسبوعية التي بُنيت من أجلها المنابر.
خطبة الجمعة الموعظة الأسبوعية التي يجتمع لها المسلمون لا يتخلف عنها أحد إِلا بعذر شرعيَّ !
إن خطبة بهذه المثابة تستحق العناية والاهتمام من قبَل الإِمام الخطيب والمأموم والجهة الرسمية الراعية لهذا القطاع على حدِّ سوَاء. بل تستحق العناية من العلماء في مؤلفاتهم والدعاة في كتاباتهم.
وأسلوب الخطبة يرتبط بأساليب الدعوة ومناهجها؛ لأن ما يقال في ذلك يقال في أسلوب الخطبة.
.
والكتاب والسنّة هما مَصْدر الإِسلام اللذان يَتَجّه لهما المسلم في تلقي أحكام هذا الدين.
* كانت صلاته -صلى الله عليه وسلم- قَصْداً؛ وخطبته قَصداً. كما في حديث جابر ابن سمرة -رضي اللّه عنه-، عند أبي داود. وله:
(كان رسول اللّه -صلى الله عليه وسلم- لا يطيل الموعظة يوم الجمعة، إنما هن كلمات يسيرات) .
وفي حديث عمّار -رضي اللّه عنه-:
إني سمعت رسول اللّه -صلى الله عليه وسلم- يقول: إن طول صلاة الرجل وقصر خطبته مئنّة من فقْهه، فاقصروا الخطبة وأطيلوا الصلاة، وإن من البيان لسحراً
ولعل أهم ما يمكن أن أستخلصه من النصوص الشرعية من صفات الخطبة وأساليبها ما يلي:
* إِن التأسي في خطبة الجمعة برسول اللّه -صلى الله عليه وسلم- بنصوص الكتاب والسنة والسعي في تحقيق مقاصدهما وهدايتهما من أهم ما يلزِم الخطيب أخْذه بعين الاعتبار عند إعداده للخطبة موضوعاً وغاية وأسلوبا.
* الاهتداء بالكتاب والسنة يوجب على المرء الرجوع إِليهما والاستنباط منهما ودراستهما والعناية بهما.
* يتلخص من النصوص الشرعية الواردة بشأن خطبة الجمعة والموضوعات الأخرى ذات العلاقة:
إِن خطبة الجمعة مناسبة أسبوعية ثابتة يتعين على المسلمين العناية بها والمحافظة عليها والتأسي فيها شكلاً ومضموناً بهدي رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم -.
وأن وظيفة خطبة الجمعة تتركز في ثلاثة أمور، هي:
* الوعظ والتذكير.
* تعليم المسلمين دينهم عقيدة وشريعة وأخلاقاً.
* إِرشاد الناس وتوجيههم إِلى ما فيه مصالحهم في حياتهم وأحوالهم المتجدد المتعددة.
والحمد للّه أولا وآخراً.
وصلى اللّه على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
_________________